جميلة هي أيام الشباب حتى الجماد يشتاق لها و يعترف بأنها أحلى اللحظات و أسعدها ، و لأنه جماد
لا لسان له ،لا يحرك ساكنا، لا يستطيع أن يضمر أي شيء بداخله و لا يحكي عما يخالجه . قصتي عن الجماد الذي
عاش مع قوم من البشر أيام لا مثيل لها من حيث الروعة , لكن منهم من أفسدها و جعل منها سرابا يجري وراءه
المتعطشون لحرارة الحب , و قوة المجموعة , و مبادئ الإخاء.
"الصورة مأخوذة من هذا الرابط اضغط هنا "
أولى اللحظات
اجتمعوا في ذلك المكان دون أي موعد سابق، ألقى أولهم التحية و لم ينتظر لها الإجابة ،غاب قليلا ثم عاد لتفاجئه صورة المكان؛
أوراق هنا و أقلام هناك، أسماء تحاكي أسماء و تنتقل بها لمكان غير هذا المكان لكنها عادت إليه لتبحث عن المزيد كأنما هي
ساعات بل أيام مرت منذ تَرَكَهُ، فراح يقلب تلك الصفحات و يراجع الأوراق التي لم تأخذ منها الريح مأخذها و لا مياه الأمطار
استطاعت أن تبللها .تاه بينها و بين الأحاسيس التي تحتويها، فتارة يبتسم و أخرى يطلق فيها العنان لضحكة تهز أركان البيت
، ثم حُزْنٌ على فراق من لم يلتقهم ثم عودة الأمل من جديد في موعد مقبل تم تحديده في إحدى تلك الصفحات ...
و تستمر ال...
ضجيج صامت يعم المكان، همسات هنا و ضحكات مكتوبة هناك، صراعات داخلية تكاد تشق النهر و تقسمه نصفين ؛ سباق نحو
اعتلاء القمة و فوضى في الهوامش، هكذا هي الأيام تمر هنا، أحلى الأيام بالنسبة له هي هاته؛ لا يخلو منهم أبدا و لا تبارحه
الحيوية و النشاط كما لو أنه شارع كبير وسط المدينة التي لا تنام، جعل من نفسه ملاذا و ملجأ لهم، بئر أسرارهم و وكر
مغامراتهم ...
و تأتي الرياح ...
تحاول أن تهزم هذا المركب لكن صلابته قهرتها و راحت تملأ بمكرها و دهائها عقول الركاب في غياب ربان وحيد
و تعدد مصادر القرار، انقسموا كما لو أنهم فصائل و أحزاب في هذا المركب الذي جمعهم و قرب بينهم. تعالت أصوات
تنادي بوحدة الصف و تآلف القلوب لكن هيهات أن يسمعها أحد، فأخذ بعض المتزعمين للإنقسامات الضعفاء بالإنسحاب من المركب
و من تبعهم ممن جعلوا العاطفة أولا و أخيرا و بقي بعض المحايدين فيه ليعيدوا له أيام الشباب التي ضاعت منه ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق