الثلاثاء، 17 دجنبر 2013

هستيريا 2

أصرخ بأعلى صوتك لترتاح

تخيل أنك تستيقظ يوما ما و تذهب مباشرة للحمام لكن و لا قطرة ماء تنزل من الصنبور

تسمع بعدها الجيران و هم يصرخون بغضب: الماء مقطوع اليوم و لن يعود حتى الساعة الثانية.

تنظر إلى الساعة و تكتشف أنك متأخر عن العمل فتذهب مباشرة لترتدي

ملابسك، لكن السروال يعلق في ركبتك و تسقط على رأسك سقطة مؤلمة تتجاهلها و تخرج مسرعا

تركب سيارتك و تقودها بسرعة نحو مقر العمل، لكن صافرة الشرطي تثير انتباهك و تستدير فتجده

يشير إليك بيده أن تركن سيارتك على جانب الطريق، يعطيك ورقة المخالفة و تلتقطها بألم لأنك ستدفع

ثمنها في مصلحة الضرائب، ثم تنطلق من جديد...

تصل إلى مقر العمل و تركن السيارة بسرعة ثم تخرج مسرعا ناسيا حقيبتك في الخلف، تصعد

الدرج مسرعا لكنك تتذكرها في منتصف الطريق و تعود للسيارة، تحمل حقيبتك و تصعد الدرج من جديد

لكنك هاته المرة تتعثر و تسقط سقطة مؤلمة أخرى، تتجاهلها و تكمل المشوار، أووف ها أنت وصل لباب

المقر، لكن نظرات الحارس إليك أثارتك و دون أن تنبس ببنت شفة يسألك باستغراب :

ماذا تفعل هنا في يوم الأحد ؟
نصيحة :
لا تجادله و لا تصف له كل ما حدث، فقط توجه إلى سيارتك و ضع حقيبتك على فمك و اصرخ
بكل ما أوتيت من قوة فحتما سترتاح
لكن حذار أن تبالغ في الصراخ فقد تمزق حبالك الصوتية.

لكن من تركك ترتاح فعندما تعود لسيارتك تجدهم قد غللوا العجلة الخلفية بسلاسل برتقالية
لأنك ركنتها في موقف خاص دون أن تدفع ثمنه...

جريمة شرف...

بينما كنت اتقلب بحثا عن نوم فر مني ,و ""حلف مايجيني"" قررت ولوج عالم الذكريات , لانبش في ملفات ""سري للغاية"" 
""حسب تصنيفات ذاكرتي"" , و تذكرت هاته القصة , التي جرت في مكان ما , و لعائلة ما ...
المكان : ""عوينة موكا"" و جميع الامكنة . 
الزمن : كل الازمنة
الحدث : مع السطور و بينها هو مرصود

"" كاد الفقر ان يكون كفرا ""

"عوينة موكا" من هنا اطلق أول صرخة, بعد أن عانت في حمله و وولادته الامرين ..تقدمت حليمة ""القابلة"" نحوها لتبشرها
بأنها انجبت ولدا , و كم كانت فرحتها كبيرة عند سماعها لذلك , فلطالما لقبت بام الخمس بنات , لانها لم تنجب منذ زواجها
ب""حمادي"" سوى البنات , "فاطمة" . "السالكة" . "جميلة" , "لكبيرة" و "سناء" ....

وفاة ..
وصل "حمادي" و كأنه بركان قابل للانفجار في أية لحظة ,- رجل في الاربعة و الاربعين من عمره , يتميز بقوة
بدنية , مما يتناسب و طبيعته عمله ك""حمال"" , غالبا ما تتحول شخصيته الضاحكة و الهزلية في الشارع , الى
متسلطة , مخيفة داخل هاته ""لبراكة"" التي يعيش فيها رفقة زوجته ""حفيضة"" و بناته الخمس , و المولود الجديد
-- ""شنو ولدات هاد لمسخوطة تاني"" , ""ولدات دري اسي حمادي"" , فهدأ البركان فجأة ثم صرخ في وجههن
""وا زغرتو العيالات , تزاد عندي ولد"" , و انطلق بسرعة نحو الوليد دون أن يعير اهتماما لحال زوجته --امرأة
في الثانية و الثلاثين من عمرها , ظهرت التجاعيد على وجهها الذي يوحي منذ أول نظرة بمعاناة سنين
عاشتها مع ذلك الرجل , حالتها الصحية غالبا ما تكون متدهورة , لكنها كثيرا ما تجدها منهمكة في أشغال البيت
""التصبين , غسيل الماعن , الطياب الخ"" و في أوقات الراحة تحمل "سيفين" بين يديها و تشرع في الخياطة --
التي ساءت حالتها الصحية بعد هاته الولادة المضنية , و توفيت بعد ذلك بيومين ...

و مرت السنين ...
هاجرت فاطنة الى الامارات بعد حصولها على عقد ""عمل"" هناك , و بفضلها لحقتها ""سناء"" التي لم تجد صعوبة في
الاندماج هناك , و تزوجت باحد العراقيين المقيمين في """"""""""""" أما أختهما ""السالكة"" فقد اقتنعت بالحجاب و تزوجت شابا
ملتزما من أبناء ""الحومة"" , و بقيت لكبيرة وحيدة بجوار والدها الذي قهرته الامراض فمن ""الروماتيزم"" الى داء السكري
, الذي يشهد له الجيران أن ""ولدو هو اللي ركبو فيه"" ""خالد" الذي لم يقتنع والده بادخاله المدرسة ""اش غايولي كاع بيلوط ؟؟"
ربح جائزة إقامة لمدة عشر سنين في سجن سلا , بعد أن تورط في عملية سطو مسلح ""بجناوة"" ذهب ضحيتها أحد حراس السيارات
الليليين , في تلك ""الزنقة"" التي بنيت فيها صناديق إيواء , منحت من طرف الدولة لمن هدمت بيوتهم خلال عمليات هدم
""دور الصفيح"" التي تدخل في إطار مشروعها ""مدينة بدون صفيح"" ...

عودة ....
عادت "فاطمة" و "سناء" , و هن أمهات لطفلين ""سناء من العراقي و فاطمة من ""عقد العمل""" فتغيرت الوضعية
الى الاحسن , و أضحى ""حمادي"" بفضل بنتيه من كبار التجار , و تزوجت لكبيرة من أحد أصدقاء والدها ..

جريمة الشرف ..
جاء العفو الملكي , ليغادر "خالد"" السجن قبل انتهاء المدة المحددة , الكل في استقباله امام باب السجن 
و عند الوصول الى البيت أقيمت حفلة كبيرة على شرفه , و ما لبث إلا قليلا
حتى عاد إليه ليكون الحكم بالمؤبد مصيره , و كانت جريمته جريمة شرف ....

هستيريا




يوما ما قد تنتابك فرحة
كما لو أنك تسير في المنحى المعاكس لسرداب الإعدام
بعد أن أمضيت ليلة كاملة و أنت تفكر كيف ستلاقي ربك بعدها
و تتخيل  شكل الحبل الذي سيلتف حول عنقك و قد بللته حتى في منامك
و عندما تستيقظ تجدهم يقتادونك في ظلام دامس يخفي عنك أوجههم، و في قرارة نفسك أنت
مقتنع أنهم بشعون و ملامحهم مخيفة، فجأة تسمع صوت مطرقة أو صدى صوتها
حتما لن تستطيع أن تفرز بينهما فالنور المنبعث من بعيد شتت تفكيرك و أنساك كل شيء.
فتستيقظ مرة أخرى ترفع رأسك من فوق المخدة التي تبللت بعرقك و تنهض بسرعة من سريرك الساخن
.لتكتشف بعدها أنك كنت في كابوس مزدوج استيقظت منه مرتين